كيف أوقف
جلسات الأقارب المختلطة ؟

مشكلتي تكمن في هذه اللقاءات الأسرية الواسعة التي تتم في البيت الكبير !
قد تقولون : وأين المشكلة ؟ إنما هذه اللقاءات صلة للأرحام !
وأقول : هذا صحيح ، وهذا ما كنت أراه في هذه اللقاءات الواسعة التي تتم في إجازة نهاية الأسبوع ، ويحضرها جميع أفراد العائلة : رجالها ونساؤها ، صغارها وكبارها .
بل كنت أنتظرها طوال الأسبوع بشوق ولهفة .
لكن هذا كان قبل التزامي التام ، وانشراح صدري لنهج الله القويم ، فما كنت أضيق بتلك اللقاءات المختلطة كما أضيق بها اليوم ، ولم أكن أنفر منها كما أنفر منها بعد أن ملأ حب الله ورسوله كياني كله .
لعل مشكلتي باتت الآن واضحة ، وهي أن التقاليد الأسرية التي تجمع الأقارب جميعهم لا أرتاح إليها
لأنني أشعر أن الإسلام لا يرضى عنها .
صحيح أن النساء ملتنزمات الحجاب ، ولكن أي حجاب ذاك مع الأحاديث والابتسامات والنظرات ؟!
لقد بذلت جهدي في تغيير هذه الحال ، لكن ( الأم العودة ) – الجدة – تحب أن يلتف حولها الجميع ، كما أنني أجد نفسي وحدي – تقريباً – في رفض هذا الاختلاط ، فحتى الرجال يميلون إلى هذه اللقاءات .
يدق جرس الباب ، وبعد فتحه يسمع القادم من يقول له : ادخل .. ليس هنا أحد غريب .. أختك وزوجة أخيك وبنت خالك !
تضع كل واحدة خمارها على رأسها .. ولا بأس بعد ذلك من الجلوس والأكل والمزاح !
لا أستطيع أن أترك أهلي ، ولا أستطيع أن أستمر على هذه الحال ، ولا أستطيع التغيير .. فماذا أفعل ؟
أرشدوني جزاكم الله خيراً .
أختكم : ام عبد الرحمن – البحرين


اسمحي لي أولاً ، يا أخت أم عبد الرحمن ، أن أثني عليك ، وعلى فطرتك السليمة ، وعلى ورعك وتقواك ، فبارك الله فيك ، وحفظك ، وأكثر من أمثالك .
ما تحدثت عنه من اختلاط منتشر ، وللأسف الشديد ، في كثير من البيوت ، حتى لدى بعض الأسر المتدينة التي لا ترى بأساً في جلوس الرجل مع ابنة خالته أو خاله ، أو ابنة عمته أو عمه ، أو مع زوجة أخيه ، دون اكثراث بما يحدث – كما ذكرت في رسالتك – من تبادل الضحكات والنظرات ، وقد تصطدم الأيدي على مائدة الطعام ، أو حين تقديم الضيافة !

وما نشير به عليك ، أختنا الفاضلة ، هو ما يلي :
1 – حاولي أن تصطحبي الفتيات والنساء الزائرات إلى غرفة أخرى لتطلعيهن على ثوب جديد اشتريته ، أو إلى المكتبة لتقرأي عليهن من كتاب وجدت فيه ما تجدر معرفته ، أو إلى الحديقة لأن الهواء فيها أنقى .. وهكذا فإنك لن تعدمي – بتوفيق الله – وسيلة تبتعدين فيها عن مجالسة الرجال .. وتبعدين معك من تستطيعين من الفتيات والنسوة .

2 ـ إذا لم تنجحي في ذلك ، واضطررت للبقاء في الصالة ، فحاولي أن ترتبي مقاعد الجلوس ، بحيث تجلس النساء والفتيات في زاوية ، والرجال في زاوية أخرى من الصالة لينشغل الرجال بحديث غير حديث النساء ، ويبتعد كل فريق عن الفريق الآخر .

3 – جربي أن تقنعي القريبات الزائرات برفضك الاختلاط ، واضربي لهن الأمثلة المقنعة : هل لا حظتن ماذا حدث حين قالت فلانة كذا ؟ أو عندما ضحكت فلانة ضحكة غير لائقة ؟
أو كيف تعثرت فانكشفت ساقها ؟ أو كيف نظر فلان إلى فلانة ؟ .. هل تجدن هذا لائقاً ؟
ألستن معي في أن علينا أن نفارق الرجال في جلساتنا ؟!
أليس هذا أسلم لنا ولهم ؟ ألا تلاحظن أننا نأخذ حريتنا أكثر حينما نستقل في جلساتنا ؟! .. وهكذا ..

4 - ولعلك تجدين أباك ، أو أحد إخوتك ، يميل إلى ما تميلين إليه من رفض هذا الاختلاط ، وتستطيعين أن تصارحيه بذلك ، فتتعاونين معه على تحقيق الفصل بين الرجال والنساء في هذه الجلسات المختلطة .

5 – حتى جدتك ، التي تميل إلى هذه اللقاءات الواسعة ، رغم ما فيها من اختلاط ، تستطيعين أن تنقلي لها ملاحظاتك على ما يحدث فيها ، وعدم ارتياحك لها ، وأن الإسلام لا يرضى عنها وعما يحدث فيها ، فلعلك – مع الدعاء إلى الله تعالى – تنجحين في إقناعها بتحقيق الفصل بين الرجال والنساء ، أو تخصيص يوم لزيارة الرجال ، ويوم لزيارة النساء .

6 – لم أجد في رسالتك ما يشير إلى أنك متزوجة ، ولعلك بعد زواجك – إن شاء الله تعالى – تنجحين مع زوجك في تغيير هذا الواقع ، أو على الأقل عدم المشاركة فيه ، وزيارة الأهل في يوم غير اليوم الذي يجتمعون فيه .

وليس لي ، أخيراً ، أختي الفاضلة ، إلا أن أدعو الله لك بالثبات ، والتوفيق ، والنجاح في مسعاك النبيل الجليل .

منقول من صيد الفوائد

 بقلم د/ محمد رشيد العويـد